سرقة السلطة تحت جنح الظلام

الأربعاء، 28 يوليو 2010

احتار الناس فى تكييف وتوصيف ما حدث فى ليلة ٢٣ يوليو، فقال بعضهم إنها ثورة، ولكن أصحاب هذه الليلة استنكروا ذلك بشدة وأوعزوا إلى الصحف بعدم استعمالها، وقال آخرون إنها انقلاب عسكرى، ولكن هذا ضايق ضباط يوليو وغضبوا على من استخدمه حتى اهتدوا إلى تعبير «حركة» وجاءهم ابن الحلال بصفة «المباركة» فارتاحوا وأصبحت فى الأيام الأولى لها «الحركة المباركة».
الحقيقة أنها لم تكن ثورة.. أو انقلابا.. أو حركة .. ولكن سرقة السلطة تحت جنح الظلام؟
يحدث للمجتمعات فى ساعات محنتها أن يظهر شخص قوى يستغل العمال ويستعبد الفلاحين ويخدع الحكومة، وبهذه الطرق يحصل على ثروة ضخمة ويكسب شهرة مدوية تغطى على أعماله القذرة، ولما كان يعرف حقيقة أعمـاله، فإنه وضع ثروته فى قلعـة حصينة بأقفـال حديدية، ومزودة بحرس شديد يحرسها ويحميها ليل نهار، والناس يتحسرون كلما يمرون بها لأنهم يرون ثرواتهم المسروقة، ولا يملكون شيئاً، فالحرس شديد والرجل على موبقاته يظفر بالشرعية القانونية، فلا يمكن العمل بإجراءات مشروعة مقاضاته، ولا يمكن بهجوم مسلح التغلب عليه.
فى مثل هذه الحالات يظهر شخص ذكى، جرىء، طموح يعلم أن ما لا يمكن نيله بالطرق المشروعة يمكن نيله بالدهاء والخداع وبالطرق غير المشروعة، وأن ما لا يمكن الجهر به من العمل يمكن أن يؤدى سرًا وتحت جنح الظلام.
ويحكم هذا الرجل خطته، ويدهم القلعة تحت جنح الظلام ويخدع الحراس ويضع يده على الثروة.
عندما يحدث هذا فإن الجمهور يصفق لهــذا الرجل الذى سرق السارق، وخدع الخادع، وتوصل إلى ما عجزوا عنه، خاصة عندما يعطى الفقــراء ما سرقه الأغنياء ويصبح «روبين هود».
وظهرت بين صفحات ألف ليلة وليلة فى تلك الأيام، المجهولة التى يلف تاريخها الظلام، ويصبح «العياريون» هم القوة الوحيدة التى تقف للوزراء والتجار وتسطو على ثرواتهم.
تحدثنا ألف ليلة وليلة عن العجوز الداهية التى قررت أن تستحوذ على ثروة أحد «مصاصى الدماء» الذين أودعوا أموالهم فى قلعة يحيطها بالحراس الأشداء، فقد ملأت ثلاث «قرب» كبيرة من أجود الخمر وحملتها على حمارها وسارت تتوكأ على عصا، فلما أصبحت أمام القلعة فتحت بحركة خفيفة أفواه القرب فبدأت الخمر تنسكب على الأرض، وصاحت العجوز بالحرس «الحقونى» الخمر انسكبت على الأرض، وأسرع الحرس إليها وفى أيديهم ما قدروا عليه من آنيــة بحيث أفرغوا القــرب الثلاث فيها وصرفوا العجوز بغلظة، وأبوا بغنيمتهم وعكفوا على الشراب حتى تملكهم الذهول وغطوا فى نوم عميق، وعندئذ عادت العجوز الذكية، ومعها أعوانها وفتحت الأبواب المغلقة واستحوذت على الثروة.
شىء كهذا كان المسرح المصرى مهيأً له قبيل ٢٣ يوليو فهناك ملك فاقد الموهبة وصفات القيادة، استحوذ عليه القمار والنساء، والارتشاء وأحاطت به بطانة ساقطة تزيده خبالاً ووزراء متشاكسون هدفهم الوحيد السلطة، وأحزابهم بلا جمهور حتى حزب الوفد الذى تآكلت شعبيته بعد مرور ثلاثين عامًا وأصبح هدفه الوحيد الوصول إلى الحكم بعد أن حرمته مؤامرات أحزاب الأقلية ذلك .
جيش أقسم يمين الولاء للملك القائد الأعلى، الذى يمثل الشرعية التى هى قوام العسكرية، ويعد أى مساس به مساساً بأولى قواعد العسكرية . شعب أعزل مسكين لا يستطيع حيلة ولا يهتدى سبيلاً.
أذكر شخصياً هذه الأيام جيدًا، كنا نقول إن الجيش هو القوة الوحيدة التى يمكن أن تتحرك، ولكن الجيش فى يد «حيدر» وحيدر هو رجل الملك.
فى هذا المناخ ظهر رجل ذكى شديد الذكاء يتملكه طموح لا حد له ولا تنقصه الجرأة والإقدام، ولكن أهم من كل هذا أنه كان متآمراً بالطبيعة والفطرة، كأنما لم يخلق من لحم ودم ولكن من مادة التآمر نفسها وكان فيه كل ما يتطلبه التآمر من ذكاء ودهاء وحذر وكتمان.
استطاع هذا الرجل أن يستقطب مجموعة محدودة من الضباط وتعرف على كل الهيئات: الإخوان، الشيوعيين، الوفديين، مصر الفتاة، ولم يكن الرجل ولا معظم مجموعته محرومًا من المشاعر الوطنية فقد كان «الإصلاح» هو الهدف الذى تكونت فى ظله وبفضله المجموعة، وكان اليقين لديهم أنهم ما إن يسيطروا حتى يصلحوا.
وكانت هناك مجموعات عسكرية عديدة بعضها أفضل من مجموعته، ولكنه هو وحده الذى توفرت فيه صفات القيادة المطلوبة لمثل هذا العمل.
وتوصل إلى اكتساب تأييد قرابة خمسين أو ستين ضابطا معظمهم من الرتب الصغيرة وأعلاهم من كان حائزاً لرتبة البكباشى، أو القائمقام.
أحكم الرجل خطته، وفى ظلام ٢٣ يوليو، والملك والوزارة وكبار القادة فى المصيف هاجم القيادة واستحوذ على السلطة.
وكان احتمال كشف الحركة، رغم كل ذلك، واردًا، بل كشفت بالفعل فى الساعات الأخيرة لها، ولكنها رزقت عوامل استثنائية كفلت لها النجاح فى النهاية وبعض هذه العوامل يعود إلى ذكاء ودهاء مدبرها، ولكن البعض الآخر مما ليس له فيه نصيب.
فقد كانت هناك مجموعات عسكرية سبقت تنظيم عبدالناصر ولكن عبدالناصر كان قد أحكم صلته بالإخوان وتعاون عمليًا معهم وكسب ثقة رئيس التنظيم العسكرى الإخوانى الصاغ محمود لبيب، وخدعه أيضا، وكان ينافسه فى زعامة التنظيم الضابط الإخوانى عبدالمنعم عبدالرؤوف، وعندما مرض محمود لبيب مرض الموت، لم يكن عبدالمنعم عبدالرؤوف فى القاهرة ولازمه حتى الوفاة جمال عبدالناصر وأخذ منه كشوف أسماء الضباط الإخوان، بل والاشتراكات أيضًا، وكانت وصية محمود لبيب رحمه الله ألا يختلف عبدالمنعم رؤوف مع جمال عبدالناصر، فهما فرسا رهان، ولكن الحقيقة أن عبدالناصر كان لديه من الذكاء والدهاء أضعاف أضعاف ما لدى عبدالمنعم عبدالرؤوف.
وكان هناك عامل شعبى ساعده، قد لا يلم به إلا المؤرخون، إن النظم التى تكون مهيأة بحكم فسادها وتدهورها للسقوط لا تحتاج إلى ما هو أكثر من ضربة، وفى روسيا كانت طلقتان من البارجة «أورورا» كافية لبث الذعر فى وزارة كرنسكى التى لم يكن يدافع عنها سوى فرقة من المجندات، وتحدث لينين عن سقوط القيصرية كورقة شجرة أذرتها رياح الثورة، ولو كان لدى فاروق حمية وإرادة لوقف ضد هذه المجموعة الضئيلة التى سطت على القيادة بمحض المصادفة ولاعتصم بمعسكرات الجيش بالإسكندرية، ولكنه كان ملكًا منهارًا يمثل نظامًا منهارًا، وما كاد يطمئن على أنه سينجو بجلده وثروته حتى وقع بيان التنازل لـ«ابنه».
وكان من المصادفات التى أدت إلى نجاح الحركة أن رئيس الأركان الفريق حسين فريد عندما علم نبأ الحركة، فإنه بدلاً من أن يأمر بتحريك أى لواء أو سلاح أو كتيبة فإنه قرر أن يذهب إلى مبنى القيادة فى الوقت الذى كان فيه الضابط يوسف صديق يتحرك قبل الميعاد المحدد له بساعة ليلتقى برئيس الأركان وبعض ضباطه قبل أن يعملوا شيئاً فاعتقلهم جميعاً .
وأهم من هذا كله أن اللواء محمد نجيب قبل أن يكون على رأس الحركة، وهو ضابط فيه كل ما ينقص عبدالناصر بالضبط، فيه البشاشة والطيبة والصراحة وحسن الخلق وأكسبته شجاعته أيام فلسطين الاحترام، بحيث أصبح رئيس نادى الضباط، وحال هذا دون أن يثور الضباط على الحركة، ولو كان رئيسها المعلن هو عبدالناصر لثاروا عليه، فعبدالناصر بكباشى مغمور قد يوجد ثلاثمائة بكباشى مثله فى الجيش.
فى صباح يوم ٢٤ يوليو عندما استيقظ المصريون على نبأ الحركة يتلوه الضابط السادات ممهورًا بتوقيع اللواء أركان حرب محمد نجيب صفق الشعب المصرى، كما صفق جمهور إنجلترا لروبين هود «اللص الشريف».
وادخر شعب مصر تصفيقته الكبرى عندما يبدأ عبدالناصر فى إعادة السلطة إلى الشعب.
ولكن عبدالناصر على عكس روبين هود لم يفعل.
وفى مارس ١٩٥٤م ضرب عبدالناصر عرض الحائط بآراء الجماهير وقياداتها التى كانت تريد أن يعود الجيش إلى الثكنات بعد أن قام بحركته وقضى على الملكية.
ضرب عبدالناصر عرض الحائط برئيس الثورة ورئيس الجمهورية، والرجل الذى أحبه شعب مصر من النظرة الأولى محمد نجيب.
وقضى مع القضاء على محمد نجيب على علاقة مصر مع السودان.
وقضى على سلاح الفرسان روح الحركة.
وكان قد قضى من قبل على فرسان الحركة وأبطالها يوسف صديق وأحمد شوقى وعبدالمنعم أمين الذين كانت قواتهم هى التى تحركت وهى التى استحوذت على السلطة.
وقضى على الإخوان المسلمين، وقضى على الأحزاب وأولها الوفد، وقضى على الشيوعيين واليساريين. وقضى على النقابتين اللتين مثلتا الرأى العام، نقابة الصحفيين ونقابة المحامين، وكان من قبل شنق خميس والبقرى أيام إضراب عمال كفر الدوار فأشاع الرعب فى الحركة النقابية العمالية، ثم استلحقها. وقضى على هيئات التدريس بالجامعات واستبعد القضاة بعد أن أشبع مفخرة القانون والقضاء «السنهورى» ضربًا وركلاً وهتف أتباعه: «فلتسقط الحرية».
وكان من دهاء عبدالناصر وتمكن الطبيعة التآمرية منه أنه عزل من قيادات الجيش بمجرد أن استتب له الأمر كل الضباط العظام من درجة قائمقام فما فوق، ثم وضع على رأسه صديقه الحميم وتوأم روحه عبدالحكيم عامر الذى قام بالمهمة المطلوبة فكبح جماح أى بادرة لانقلاب وضمن تأييد الجيش له.
لم تكن ٢٣ يوليو ثورة، أو انقلابًا، لكن سطوًا على السلطة تحت جنح الظلام
جمال البنا ٢٨/ ٧/ ٢٠١٠ المصرى اليوم

نشاطركم الأحزان

الخميس، 22 يوليو 2010

نشاطركم الأحزان فى الذكرى الثامنة و الخمسون لانقلاب يوليو

يا من افسدتم حياتنا

الأربعاء، 14 يوليو 2010

مبارة ودية فى كرة القدم بملعب النادى الاهلى بين الاهلى و كفر الشيخ، تتحول الى ساحة حرب و ميدان قتال، لماذا ؟ لان الامن لا يعجبه ان الجماهير التى تشجع فريقها بناديها قد قامت بالقاء الصواريخ او الشماريخ ، انا لا ادافع عن التعصب و التشجيع المتهور و لكن ما دخل الامن فى مبارة ودية سواء اكانت تحضيرية او استعراضية فهى اولاً و اخيراً مباراة ودية يخرج منها الفائز و المهزوم حبايب، و لكن لماذا يخرجون حبايب ؟ هو ما فيش امن ؟ ما فيش انضباط ؟ لازم الامن يتدخل و يفسد كل شئ كعادتهم دائماً و لكن تدخلاتهم الفجة خلال السنوات السابقة قد افسدت حياتنا و اضاعت طعم اى شئ فى حياتنا حتى لو كان ترفيهى، ان ما يحدث من تجاوزات قد فاقت كل الحدود لتصبح حياتنا مسيرة بأمر الامن و رجاله و على كل من يريد فعل شئ، اى شئ ان يحصل على اذن او تصريح من الامن ثم يلتزم بالأدب حتى لا يغضب رجال الأمن و يعكر صفو سيطرتهم على حياتنا، فاذا قرأنا الاتهامات الموجهة للجماهير من " إثارة الشغب ومقاومة السلطات وإصابة ضباط ومجندين وإتلاف ممتلكات عامة " يا حلاوة كل هذه الاتهامات لبعض الشباب من الجماهير التى تشجع فريقها و هذا ليس دفاعاً عنهم و لكنهم شباب صغير السن لديه من الطاقات التى يفرغها فى تشجيع فريقه ، فمعظمهم بلا عمل او طلبة ، فمن يذهب لمشاهدة مباراة ودية الا اذا كان محباً لفريقه بدرجة عالية او لديه من الطاقات و الفراغ الذى يملأ حياته كلها و بالتالى يتجه الى التعصب لفريق و تشجيعه او ممارسة اى شئ و لكن لماذا يتم ذلك بدون اذن من الشرطة ؟ هى سايبة ؟ المهم ان بعد حدوث هذه الكارثة و تدمير المدرجات سواء من جانب الشرطة او المشجعين ، من سوف يتحمل التلفيات ؟ انه الوطن ، نعم الوطن فالشرطة و الشعب فى خدمة الوطن ، و لكن الوطن لم يعد هو المصطلح المتعارف عليه كوطن، الوطن مين بقى ؟ الوطن هو الباشوات الكبار ، الاباطرة ، المخالفين ، الافاقين ، اللصوص و لكن من يساعدهم ؟ الشرطة و الشعب الذين اصبحوا فى خدمة الوطن، انما الساعين لتطوير مستقبل بلدهم او من يقومون بوقفات او مطالب لاى تغيير فهم مخالفون و يتم اتهامهم باثارة الشغب و اتلاف الممتلكات و تكدير الامن ، و اعتقد ان المقصود بتكدير الامن ليس مصطلح الامن بمعنى الامان و لكن المقصود هو الامن اى الشرطة ، فهذه التصرفات تقلق مضاجع الامن اللى حشر مناخيره فى كل حاجة، حفلة تتلغى ليه ؟ اسباب امنية ، حدث يتلغى برضه لاسباب اخرى امنية ، فيلم يتلغى او يتحذف منه بعض المشاهد او يتم تعديل السينارويو و القصة برضه لاسباب امنية، و اذا شباب جربوا يقفوا مع بعض شوية فده مخالف لانه بيكدر الامن و حادثة شاب الاسكندرية سواء اكان متهما كما قالوا ام لا يدل على مدى ما وصلوا اليه من استخفاف بالشعب و البشر، عدم تنفيذ الاحكام و تعطيل القانون برضه لاسباب امنية، عطلة كل يوم الصبح و قفل كبارى و شوارع عشان فى لجنة واقفة ، بجد بقت حاجة تقرف و بقينا عايشين حياة مقرفة

حقائق عن الوهابية

الأحد، 11 يوليو 2010

قامت الحركة الوهابية ـ التي تتبع عقيدة سلفية متشددة ـ منذ ظهورها سنة 1143هجرية/ 1722 ميلادية على يد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي الحنبلي بمهاجمة كل المناطق الإسلامية المجاورة لها في شبه الجزيرة العربية، وخارجها ومن أشهر ما قامت به من أعمال شنيعة يندى لها جبين التاريخ الإسلامي ما يلي:
1- في 18 ذي الحجة 1216 هـ - 22 نيسان 1801 م هاجم الوهابيون بقيادة سعود بن عبد العزيز مدينة كربلاء حيث استغلوا ذهاب معظم أهالي كربلاء إلى النجف لزيارة ضريح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فذبحوا ما يزيد على ثلاثة آلاف من السكان ، ونهبوا البيوت و الأسواق ونفائس الضريح المقدس ، وقد أخذوا على الأخص صفائح الذهب بعد أن اقتلعوها من مكانها ، ثم هدموا الضريح المطهر. [1]
2- بعد سنتين وفي 1218 هـ /1803م هاجموا النجف الاشرف ومرقد على بن أبى طالب ولكن استعداد ودفاع أهل النجف عن مدينتهم أحبط هجومهم الحاقد. [2]
3- وفي عام 1218 هـ /1803 م هاجموا كربلاء مرة ثانية لكن أهل كربلاء كانوا قد استعدوا لهم فأحبط الله سبحانه وتعالى هجومهم الغادر. [3]
ومن جرائمهم الكبرى اعتداءهم الآثم على البقاع الطاهرة في بقيع الغرقد حيث مرت على البقيع فترتان هدمت فيها معالمه من قبور و أضرحة وقباب من قبل الوهابيين العتاة:
الهدم الأول عام 1220هـ 1845 م:
أقدم آل سعود على تدمير البقيع وذلك عام 1220 هـ فهدموا قبة آل البيت عليهم السلام وقبة الحمزة عليه السلام عم رسول الله صلى الله عليه وآله وكل القباب التي بالبقيع وخارج البقيع في المدينة المنورة ومكة [4].
وقد هاجم جيش بن سعود المدينة من جنوبها، ودخلها من العوالي وقباء الإخوان وواصلوا زحفهم حتى اقتحموا السور ، يقول المؤرخ السعودي ابن بشر[5]:
( وفي أول هذه السنة قبل مبايعة غالب بايع أهل المدينة المنورة سعود على دين الله ورسوله السمع والطاعة، وهدمت جميع القباب التي وضعت على القبور والمشاهد وذلك أن آل مضيان رؤساء حرب وهما بادي وبداي ابني بدوي بن مضيان ومن تبعهم من عربانهم أحبوا المسلمين ووفدوا على عبد العزيز وبايعوه، وأرسل معهم عثمان بن عبد المحسن أبا حسين يعلمهم فرائض الدين وقرر لهم التوحيد. فأجمعوا على حرب المدينة ونزلوا عواليها، ثم أمر عبد العزيز ببناء قصر فيها فبنوه وأحكموه واستوطنوه، وتبعهم أهل قباء ومن حولهم وضيقوا على أهل المدينة وقطعوا عنهم السبل وأقاموا على ذلك سنين.
وأرسل عليهم سعود وهم في موضعهم ذلك الشيخ العالم قرناس بن عبد الرحمن صاحب بلد الرس المعروف بالقصيم. فأقام عندهم قاضيا ومعلما كل سنة يأتي إليهم في موضعهم ذلك. فلما طال الحصار على أهل المدينة وقعت المكاتبات بينهم وبين سعود من حسن قلفي واحمد الطيار والأعيان والقضاة وبايعوا في هذه السنة سنة 1221 هـ) [6].
ثم أعاد إبراهيم باشا بن محمد علي باشا والي مصر بنائها (سنة 1222 هـ) وكتب اسمه واسم أبيه واسم السلطان محمود في دائرة القبة الشريفة لحضرة الرسول صلى الله عليه وآله وقبة آل البيت العظام [7].
وكان من بين ما قاله الرحالة السويسري جان لويس بورخارت [8] عن مقبرة البقيع: (... وتبدو المقبرة حقيرة جداً. لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها، وقد تكون أقذر وأتعس من أي مقبرة موجودة في المدن الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها... فالموقع بأجمعه عبارة عن أكوام من التراب المبعثر وحفر عريضة ومزابل)[9].
الهدم الثاني: الثامن من شوال عام 1344هـ
بعد زهاء ثمانين سنة من عملهم الإجرامي الأول استولى الوهابيون على البلدين المقدسين مرة ثانية وهدموا القباب وأحرقوا المكتبات وكانت تحتوي على الكتب القيمة والنادرة .
فعاد الوهابيون ليستولوا على المدينة المنورة مرة أخرى في عام 1344هـ (إبريل) 1925م.
وكان من ذلك هدم بقيع الغرقد بما فيه من قباب طاهرة لذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته وخيرة أصحابه وزوجاته وكبار شخصيات المسلمين.
حيث قاموا بهدم المشاهد المقدسة للائمة وأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بعد تعريضها للإهانة والتحقير بفتوى من وعاظهم.
فقد استفتوا في مسرحية - تحت التهديد والترهيب- علماء المدينة حول وجوب هدم القبور،حيث أرسل الوهابيون قاضي القضاة في نجد سليمان بن بليهد إلى علماء المدينة يستفتيهم حول بناء مراقد أولياء الله،وكان يحمل أسئلة متضمنة الأجوبة من وجهة نظر الوهابيين،وقد صدرت الفتوى بوجوب الهدم وذلك تحت التهديد![10]
وقد نشرت جريدة أم القرى الصادرة في مكة بعددها (69) في ( 17 / شوّال 1344 هـ ) نص الاستفتاء وجوابه ، وحدّدت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ ( 25 / رمضان 1344 هـ )وقد أثارت ضجة كبيرة بين المسلمين .
جاء في كتاب الوهابية في الميزان: ( فبعدما صدرت تلك الفتوى من خمسة عشر عالما من علماء المدينة،وانتشرت في الحجاز،بدأت السلطات الوهابية بهدم قبور آل الرسول (عليهم السلام) في الثامن من شوال من نفس العام،وقضت على آثار أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة،ونهبت كل ما كان في ذلك الحرم المقدس من فُرش غالية وهدايا ثمينة وغيرها،وحولت تلك الزمرة الوحشية البقيع المقدس إلى ارض فقراء موحشة) [11]، فأصبح البقيع قاعاً صفصفاً لا تكاد تعرف بوجود قبر فضلا عن أن تعرف صاحبه.
وجاء أيضاً في مستدرك ما فات من أهل الدار تأليف عبد الرحيم بن حسن بن محمد حربي :
(أما هذه المرة وهي الثانية، فقد دخل الملك عبد العزيز المدينة المنورة مستلما لها من الشريف من شمالها، حيث كان العرضي التابع للإخوان معسكرا في الجرف والعيون، وحاصر المدينة مدة ستة أشهر، ويقول الأستاذ محمد حسين زيدان[12] في معرض حديثه عن دراسته وذكرياته: (.. نركض على الدرج نجد الأستاذ قد جلس، كنا نحيا ذلك والمدينة محاصرة، والدويش في قبا، والغرم في العوالي، والنشمي في العيون، والمدينة محكومة بحكام أربعة كل على حاله)) [13].
كانت رحى الحرب دائرة بين الشريف وابن سعود على المدينة، حتى انهزم الشريف وسلمت المدينة لأميرها محمد بن عبد العزيز، ووضع الناس السلاح، وعادت الحياة لسابق وضعها، وفي الرابع من شهر شوال (عام 1343 هجري ) من ضحى ذلك اليوم صارت فرق العساكر تطوف شوارع المدينة وكان شيخ الحرفة هو المعلم خضر شيحة[14] كانوا يأخذون المعلمين وعمالهم إلى البقيع، واحُد حيث مقام سيد الشهداء الحمزة عم الرسول صلى الله عليه وآله و سلم ويأمرونهم بهدم القباب، فباشر المعلمون الهدم مرغمين على ذلك لان فرقة من الإخوان تركب الخيل، وتحمل معها حزما من جريد النخل، تستحث بذلك المعلمين على الهدم [15] حتى ما مضت أيام قلائل إلا وكل القباب هدمت وأزيلت أنقاضها من البقيع ومقامات سيد الشهداء وإسماعيل والنفس الزكية..، وقد روى هذه القصة كثير من المعلمين الذين عاصروا هذه الحدث. ورواية أخرى يرويها أحد المعمرين من أهل المدينة يقول: أن الشيخ عبد الله بن بليهد ـ قدم المدينة ودعا علماءها وتحاور معهم حتى برهن ـ وفقا لقناعته ـ أن زيارة القبور محرمة، وإنها بدعة في الدين، وشرك بالله، وانه يجب أن يتفق جميع علماء المذاهب الأربعة على تخريب القبب وهدمها ومنع الزيارة، ونظراً لذلك فقد منعت زيارة جميع المراقد، والمشاهد، وأغلقت أبواب البقيع، ومقبرة سيد الشهداء وكل المراقد، وصار الناس لا يجرؤن على زيارة البقيع وغيره، حتى تمكن القاضي بن بليهد من موافقة علماء المذاهب الأربعة على ذلك، فصدر الأمر بهدم جميع القباب وتخريبها، وما ذلك إلا اجتهاد شخصي من هذا الشيخ [16].
وراوي آخر يحدث: بأن القاضي واجه معارضة شديدة من الشيخ محمد علي بن تركي، الذي كان من العلماء الورعين الزاهدين المقيمين في المدينة كان متواضعاً في سمته، وهندامه، وقورا في مشيه، جذابا في حديثه، وقد عرفت من سيرته التي يتناقلها الناس، انه كان لا يأخذ راتبه إلا من إيراد البريد بزعمه انه الإيراد الحلال الذي لا تشوبه شائبة [17].
يصف الرحالة الغربي واسمه (ايلدون رتر)، المدينة المنورة بعد الجريمة الثانية التي نفذها الوهابيون عند استيلائهم على المدينة المنورة وقتلهم الآلاف من الأبرياء، يقول: (لقد هدمت واختفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدل على قبور آل البيت النبوي.. وأصاب القبور الأخرى نفس المصير فسحقت وهشمت).
العزم على هدم قبر الرسول صلى الله عليه وآله
وتشير الوثائق والقرائن إلى أن الوهابيين لم يكتفوا بتلك الجرائم بل حاولوا مراراً هدم قبة الرسول صلى الله عليه وآله إلا انهم غيروا رأيهم بسبب حدوث ردود فعل إسلامية قوية من مختلف البلدان الإسلامية.
جاء في كشف الارتياب: (وتريثوا خوفا من عاقبة الأمر عن هدم قبة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وضريحه التي حالها عندهم كحال غيرها أو أشد لشدة تعلق المسلمين بذلك وتعظيمهم له وأدلتهم الآتية وفتواهم لا تستثني قبة نبي ولا غيره وما أعلنه سلطانهم في الجرائد من أنه يحترم قبة النبي صلى الله عليه وآله وضريحه يخالف معتقداتهم جزما ولا يراد منه إلا تسكين الخواطر ومنع قيام العالم الإسلامي ضدهم ولو أمنوا ذلك ما توقفوا عن هدمها وإلحاقها بغيرها بل كانوا بدأوا بها قبل غيرها ). [18]
انقطاع الحج من مصر والشام والعراق
ذكر الأمين في كشف الارتياب: (قال العلامة السيد جواد العاملي في حوادث سنة 1222 إنه تعطل الحج ثلاث سنين كما مر فيكون ابتداء انقطاعه من العراق سنة 1220 وذكر الجبرتي في حوادث سنة 1222 أن منها انقطاع الحج الشامي والمصري ( أقول ) وكان ابتداء انقطاع الحج من الشام في سنة 1221 ومن مصر في سنة 1222 كما مر فيظهر أن الحج انقطع من العراق أربع سنين ومن الشام ثلاث سنين ومن مصر سنتين ولا يعلم هل انقطع بعد ذلك أو لا .) [19]
جريمة البقيع ووصف الرحالة الغربيين
يقول الرحالة السويسري جان لويس بورخارت ( 1231هـ): (تبدو مقبرة البقيع حقيرة جدا لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها. وقد تكون أقذر وأتعس من أية مقبرة موجودة في المدن الشرقية الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها، فهي تخلوا من أي قبر مشيد تشييدا مناسبا، وتنتشر القبور فيها وهي أكوام غير منتظمة من التراب. يحد كل منها عدد من الأحجار الموضوعة فوقها... فالموقع بأجمعه عبارة عن أكوام من التراب المبعثر، وحفر عريضة ومزابل)
أما جبل أحد فيقول عنه هذا الرحالة بأنه وجد المسجد الذي شيد حول قبر حمزة (رض) وغيره من شهداء أحد مثل مصعب بن عمير وجعفر بن شماس وعبد الله بن جحش قد هدمه الوهابيون.. وعلى مسافة وجد قبور اثني عشر صحابيا من شهداء أحد: (وقد خرب الوهابيون قبورهم وعبثوا بها). [20]
ويقول الرحالة (ايلدون رتز) حيث زار البقيع عام 1925م أي بعد هدمه بعام واحد: (حينما دخلت إليه وجدت منظره كأنه منظر بلدة قد خربت عن آخرها، فلم يكن في أنحاء المقبرة كلها ما يمكن أن يشاهد سوى أحجار مبعثرة وأكوام صغيرة من التراب لا حدود لها، وقطع من الخشب مع كتل كثيرة من الحجر والآجر المنكسر فخربها كلها... لقد هدمت واختفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدل على قبور آل البيت النبوي في السابق... وأصاب القبور الأخرى نفس المصير، فسحقت وهشمت)[21].
ولا بأس بالإشارة إلى أن جريمة هدم القبور فيها أهداف أخرى غير المعلنة منها الاستيلاء على الأموال التي كانت تزخر بها هذه الأضرحة، فهؤلاء الأوباش كان همهم الإغارة ونهب الأموال، وهو واضح من فعلهم في كربلاء ومحاولتهم ذلك في النجف الاشرف التي لم يوفقوا لنهبها، و فيما يلي أحد النصوص التي تظهر مآربهم الخسيسة.
جاء في تاريخ الجبرتي[22]: (...ويذكرون أن الوهابي استولى على ما كان بالحجرة الشريفة من الذخائر والجواهر ونقلها و أخذها ... إلى أن حضر الوهابي واستولى على المدينة واخذ تلك الذخائر فيقال انه عبي أربعة سحاحير من الجواهر المحلاة بالألماس والياقوت العظيمة القدر ومن ذلك أربع شمعدانات من الزمرد وبدل الشمعة قطعة الماس مستطيلة يضيء نورها في الظلام ونحو مائة سيف قراباتها ملبسة بالذهب الخالص ومنزل عليها الماس وياقوت ونصابها من الزمرد واليشم ونحو ذلك وسلاحها من الحديد الموصوف كل سيف منها لا قيمة له وعليها دمغات باسم الملوك والخلفاء السالفين وغير ذلك) [23]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع هامة :
[1] موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي، 8 : 271 ।[2] راجع: صفحات من تأريخ الجزيرة العربية الحديث، د। محمد عوض الخطيب، دار المعراج للطباعة والنشر ، ص176-177।[3] المصدر السابق.[4] وسائل في وصف المدينة المنورة صفحة 65.[5] عثمان بن عبد الله بن عثمان بن أحمد بن بشر النجدي الحنبلي و المشهور بـ ابن بشر (1780 - 1871)م الموافق (1194 - 1288)هـ مؤرخ وأديب عاصر الدولة السعودية الأولى ودون أحداثها في كتابة عنوان المجد في تاريخ نجد. ويعتبر مؤرخ الوهابية ونجد وال سعود، ولد في مدينة جلاجل و تربى ونشأ .[6] عنوان المجد في تاريخ نجد، عثمان بن عبد الله بن بشر، الجزء الأول ص137.[7] المصدر السابق: ص66.[8] سمح محمد علي باشا وأولاده ـ نتيجة للتساهل الديني وعدم الاهتمام لهؤلاء الحكام ـ لمجموعة من الأوربيين بزيارة المناطق المقدسة في مكة والمدينة منهم الرحالة السويسري جان لويس بورخارت.كان بورخارت عالما كبيرا زار مكة والمدينة سنة 1814 م وعاصر في سفره هذا الجيش الذي أرسله محمد علي باشا لقمع الوهابيين حيث سجل جميع ملاحظاته ـ وقد استوعب في ذلك عموم ما يحتاجه القارئ ويتوقعه من كتاب رحلات ـ في كتاب رجلته إلى الديار المقدسة.وينبغي الإشارة إلى انه ادعى اعتناق الإسلام عند مجيئه إلى مصر أيام حكومة محمد علي باشا وسمى نفسه الشيخ إبراهيم وأقام علاقة مع محمد توطدت فيما بعد حيث التحق بجيش محمد الذي أعده لحرب الوهابيين.استطاع بورخارت بذكاء إخفاء شخصيته ـ حيث يشك في اعتناقه الحقيقي للإسلام ـ .وصل إلى المدينة المنورة صباح يوم 28 حزيران 1915 م بعد أداءه المناسك في مكة المكرمة.[9] نقلاً عن كتاب جولات في بلاد العرب، الرحالة جون لويس بورخات.[10] نص السؤال: ما قول علماء المدينة المنورة ـ زادهم اللّه فهماً وعلماً ـ في البناء على القبور، واتخاذها مساجد، هل هو جائز أم لا؟ وإذا كان غير جائز بل ممنوع منهي عنه نهياً شديداً، فهل يجب هدمها، ومنع الصلاة عندها أم لا؟.وإذا كان البناء في مسبلة كالبقيع، وهو مانع من الانتفاع بالمقدار المبني عليه، فهل هو غصب يجب رفعه لما فيه من ظلم المستحقين ومنعهم استحقاقهم أم لا؟الجواب: أمّا البناء على القبور فهو ممنوع إجماعاً، لصحة الأحاديث الواردة في منعه، ولذا أفتى كثير من العلماء بوجوب هدمه، مستندين بحديث علىّ (رضي اللّه عنه) أنّه قال لأبي الهياج: «ألا ابعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه، أن لا تدع تمثالا إلاّ طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سويته» وأمّا اتّخاذ القبور مساجد والصلاة فيها وإيقاد السرج عليها فممنوع، لحديث ابن عباس: «لعن اللّه زائرات القبور المتخذين عليها المساجد والسرج»، رواه أهل السنن، وأمّا ما يفعله الجهال عند الأضرحة من التمسح بها والتقرب إليها بالذبائح والنذور، ودعاء أهلها مع اللّه فهو حرام ممنوع شرعاً لا يجوز فعله أصلا .[11] الوهابية في الميزان، الشيخ جعفر السبحاني، ص 54.[12] محمد حسين زيدان(1992)أديب كاتب خطيب صحفي محاضر، ولد في المدينة عام 1325 هـ وتلقى تعليمه بها في المسجد النبوي الشريف. ومدرسة العلوم الشرعية تخرج عام 1343 هـ. عمل في التدريس ثم في عدد من الوظائف الحكومية حتى أحيل إلى التقاعد عام 1374 هـ، وكان يزاول الكتابة في الصحف وله أسلوب سلس ومشوق. تفرغ بعد تقاعده للعمل الصحفي والإذاعي وعين رئيس تحرير مجلة الدارة في الرياض، من مؤلفاته: ذكريات العهود الثلاثة، رحلات الأوروبيين إلى نجد وشبه الجزيرة العربية.
للتوسع: موسوعة الأدباء السعوديين، أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر والخامس عشر الهجري، تتمة الأعلام للزركلي[13] ذكريات العهود الثلاثة، محمد حسين زيدان، ص65, الطبعة الأولى 1408 هـ।[14] المعلم وهو الأسطى باللهجة العراقية، وليس المدرس।[15] والكلام لازال لعبد الرحيم بن حسن بن محمد حربي: منهم والدي حسن حربي ومعه اثنان جزاء عبد الحفيظ وحسن فواز الشريمي وقد أمروا بهدم قبة سيدنا حمزة ـ رضي الله عنه ـ فصعدوا على ظهر المسجد وبدءوا في إحداث درج للصعود به لإنزال الهلال، فصاروا ينقرون في ظهر القبة المشرفة طيلة يومهم حتى وصلوا إلى الهلال و أنزلوه وقد أشرفت الشمس على المغيب، فأرادوا النزول ومنعوهم إلا أن يخرقوا صحن القبة المقدسة فصاروا يتناوبون مرغمين على الضرب على القبة إلى ان سقطت طوية واحدة على القبر وسقطت معها العتلة التي يعملون بها وصاح كل من كان بالحرم الشريف من الزوار والمصلين، وقد أصيب من سقطت من يده العتلة بالإسهال فأنزلوه من على ظهر القبة وأدخلوه إلى العين فاغتسل، وتعاهدوا الثلاثة على ألا يقيمون في المدينة ولا يوما واحدا فسافروا إلى مكة ومن فجر اليوم الثاني بعد ان تعاهدوا وتواعدوا على الالتقاء في (آبار علي) وذهبوا إلى مكة سيراً على الأقدام، وعند وصولهم إلى مكة وجدوا الحال فيها مثل المدينة هدم في جميع القباب والمقامات، غير أنهم مجهولون لا يعرفهم أحد فمنهم من اشتغل عاملا في مخبز، وآخر اشتغل عاملا عند أحد الحجارين، وثالث اشتغل بسقي الماء، وظلوا بمكة ست سنوات لا يأتون إلى المدينة، ثم رجعوا إليها بعد ذلك.[16] إنني أعتقد ذلك لا سيما أنني وجدت ما يؤيد ما ذهبت إليه من كتاب الثامن من شوال للسيد عبد الرزاق بن محمد بن عباس الموسوي آل المقرم قوله: ان هدم القبور من البقيع بأمر أبن بليهد وفتواه نقلا عن (الذريعة).[17] موسوعة العتبات المقدسة الجزء الثالث ص325.[18] كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب، السيد محسن الأمين(1371هـ)، ص55، تحقيق وتخريج : حسن الأمين، مكتبة الحرمين – قم.[19] المصدر السابق، 37.[20] راجع أضواء على معالم المدينة المنورة وتاريخها، حسين علي المصطفى، 194.[21] راجع موسوعة العتبات المقدسة الجزء الثالث ص339.[22] عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي ولد بالقاهرة سنة 1168 هـ / 1756م وتوفي بها سنة 1240 هـ / 1825م ، عاصر الجبرتي فترة انحلال النظام العثماني ومحاولات المماليك التمرد على النظام العثماني كما عاصر مجيء الحملة الفرنسية على مصر بقياد نابليون بونابرت سنة 1798م ، كما عاصر تولي محمد على باشا حكم مصر.مؤرخ كبير من اشهر مؤلفاته مؤلفين هامين الأول هو " عجائب الآثار في التراجم والأخبار " وهو مؤلف من أربع مجلدات تمتد من سنة 1688م إلى سنة 1821م أرخ فيه لتاريخ مصر العام والخاص في ذلك الوقت ، أما المؤلف الثاني فهو " مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس " ويغطي فترة الاحتلال الفرنسي لمصر من سنة 1798م إلى سنة 1800م .[23] عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي ، ج 3 – ص248 – 250.رد مع اقتباس